موضوع: مواضيع شهر الإنابة : الدروس السلفية لليالي الرمضانية - العدد السادس - 18/8/2010, 21:30
مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله ، وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين أما بعد :
هذه الفقرة التي ساقدمها لكم اخترتها من كتاب
الدروس السلفية لليالي الرمضانية
تأليف
عمر بن عبد الله بن عاتق الحربي
و فيه تطرق الكاتب الى بعض الدروس التي نحتاجها في حياتنا
. و نترككم الان لتعيشوا مع هذه الدروس القيمة نسال الله الانتفاع بها
الدرس السادس : الزكاة منزلتها من الدين وبعض أحكامها
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . وبعد
الزكاة هي ثالثة أركان الإسلام الخمسة .
ولأهمية الزكاة كرر الله ذكرها في تسعة وسبعين موضعاً فذكرها تعالى بلفظ الزكاة في إحدى وثلاثين آية , وبلفظ الصدقة في خمس عشرة آية .
ومن هذه الآيات قول الله تعالى : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } [ البقرة / 43] وقال تعالى : { فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين } [ التوبة /11 ] ومن السنة حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذاً إلى اليمن فقال : (( ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة , فإن هم أطاعوا لذلك , فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وتُرد على فقرائهم )) متفق عليه
ولحكم عظيمة وأهداف سامية شرع الله الزكاة , وحث على أدائها لما في أدائها من تطهير النفس من الشح والبخل والطمع , ولما في ذلك من المواساة للفقراء والمساكين .
والزكاة تزكي مؤديها أي تطهره من الإثم, وتنمي أجره, قال الله تعالى: ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ) الآية [ التوبة / 103 ]
أما من منع الزكاة فقد وقع في إثم عظيم , قال الله تعالى : { والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون } [ التوبة / 34 – 35 ]
وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( تأتي الإبل على صاحبها على خير ما كانت إذا هو لم يعطِ فيها حقها , تطؤه بأخفافها, وتأتي الغنم على صاحبها على خير ما كانت إذا لم يعطِ فيها حقها تطؤه بأظلافها , وتنطحه بقرونها قال : ومن حقها أن تحلب على الماء . قال: ولا يأتي أحدكم يوم القيامة بشاة يحملها على رقبته لها يُعار , فيقول : يا محمد , فأقول : لا أملك لك شيئاً , قد بلغت , ولا يأتي ببعير يحمله على رقبته له رغاء فيقول يا محمد , فأقول لا أملك لك من الله شيء قد بلغت ) )
قال ابن عمر: من كنزها فلم يؤد زكاتها فويل له. رواه البخاري معلقا بصيغة الجزم.
واعلموا – رحمكم الله – أن من لم يخرج زكاة سنوات مضت أنه آثم في تأخير الزكاة وعليه أن يتوب إلى الله – عز وجل – من هذه المعصية وعليه أن يبادر إلى إخراج الزكاة عن كل ما مضى من السنوات.
ولا يجوز صرف الزكاة إلا إلى الأصناف الثمانية الذين ذكرهم الله على سبيل الحصر فقال : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } [ التوبة / 60]
فلا تصرف الزكاة في بناء المساجد ونحوها , ولا يقضى دين الميت الذي لم يُخلف تركة من الزكاة , ولا يجزئ إسقاط الدين عن المعسر عن الزكاة .
ولا يجب على من له دين على شخص أن يؤدي زكاته قبل قبضه لكن أن كان الدين على موسر غير مماطل فإن عليه زكاته كل سنة , إما مع ماله أو حين قبضه, أما إذا كان الدين على معسر , أو غني لا يمكن مطالبته فإنه لا يجب عليه زكاته لكل سنة ,قال تعالى: { وإن كان ذو عُسرة فنظرة إلى ميسرة } [ البقرة / 280 ] لكن إذا قبضه يزكي لسنة واحدة .
وتجب الزكاة في مال الصبي والمجنون ؛ لأن الزكاة من حقوق المال , قال الله تعالى : { خذ من أموالهم صدقة } [ التوبة / 103 ]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : لمعاذ – رضي الله عنه – حين بعثه لليمن (( وأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم )) وهذا عام في كل مال , وإن كان لغير مكلف , ويتولى إخراجها وليهما .
أما كيفية إخراج زكاة الرواتب الشهرية فينبغي أن يُعلم أن من شروط وجوب الزكاة في المال أن يتم عليه الحول ؛ لحديث علي - رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ( ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول )) أخرجه أبو داود وغيره وهو صحيح بطرقه .
فإن كان ينفق راتب كل شهر قبل أن يأتي راتب الشهر الثاني فلا زكاة عليه , ولكن الزكاة في المال الذي يبقى في ملكه حولاً كاملاً .
أما زكاة الأعيان المعدة للأجرة فلا زكاة في القيمة , وإنما الزكاة فيما يحصل من الأجرة إذا تم عليه الحول من العقد فإذا أنفق المال الحاصل من الأجرة قبل أن يمضي عليه حول فلا زكاة عليه حينئذٍ .
وما أعد للتجارة بالبيع فتجب عليه الزكاة في قيمته إذا تم عليه الحول .
أما المواشي فلا زكاة فيها إلا إذا كانت ترعى مما أنبته الله في الأرض السنة كاملة أو أكثر السنة .
فإن كانت معدة للتجارة , فهذه لها حكم زكاة العروض فتقدر كل عام بما تساوي , ثم يُخرج ربع عشر قيمتها . ومقداره اثنين ونصف في المئة من قيمتها .
واعلموا- رحمكم الله – أن المسلم إذا مات قبل تمام الحول على ماله , أوتلف المال قبل تمام الحول عليه سقطت الزكاة عنه .
واستثني من تمام الحول ثلاثة أشياء :
1 – ربح التجارة فإن حوله حول أصله .
2 – نتاج السائمة فحول النتاج حول أمهاته .
3 – الحبوب والثمار , حولها حول وقت تحصيلها .
ومقدار نصاب الذهب عشرون مثقالاً , ويساوي بالجرام خمسة وثمانين جراما .
هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.