هل مجرد الشرب من ماء زمزم له أجر وثواب بدون استحضار نية أو دعاء ، مثلاً شرب أحد المسلمين منه دون أن يعلم أنه ماء زمزم هل يكون له أجر بذلك؟ وجزاكم الله خيرا
الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله. فقد دلت النصوص الشرعية على فضل ماء زمزم وأنه ماء مبارك كما ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنها مباركة، إنها طعام طعم). وزاد أبو داود: (وشفاء سقم). فمن شرب ماء زمزم واستشفى به حصلت له البركة والخير العظيم. ومن شربه جاهلا بكونه من زمزم حصلت له البركة أيضا لأنه موافقا لنفس الأمر. ومن شربه من باب التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم حصل له الأجر والثواب مع البركة والنفع لأنه عمل بالسنة ووافق هدي النبي الكريم فيؤجر لأنه معظما لطريقة الرسول الشرعية. ومن شرب ماء زمزم بنية تحقق غرض دنيوي صحيح أو ديني كشفاء أو صحة أو علم أو منفعة أو جاه وغيرها وكان مخلصا في نيته متوجه قلبه بكليته إلى مولاه تحققت له هذه المسألة بإذن الله لما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ماء زمزم لما شرب له). رواه ابن ماجه. وقد جرب ذلك طائفة من السلف والخلف وتحققت لهم مطالبهم في قصص مشهورة وأخبار معروفة. ولا مانع أن ينوي أكثر من نية عند شربه لماء زمزم في نفس المجلس.
والحاصل أن شرب ماء زمزم على أحوال: الأولى: أن يشربه من باب التبرك به فيحصل له البركة والخير العميم. الثانية: أن يشربه من باب العمل بالسنة فيؤجر على ذلك. الثالثة: أن يشربه من باب الاستشفاء به أو طلبا لمسألة خاصة فيتحقق له طلبته.
وقد كان السلف الصالح يعتنون بماء زمزم أشد الاعتناء ويحملونه إلى الأمصار يشربونه ويتبركون ويستشفون به كما روي عن جماعة من الصحابة والتابعين. فقد كان العباس بن عبد المطلب ينقل ماء زمزم إلى المدينة. وكانت عائشة رضي الله عنها تحمله إلى المدينة وتخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمله كما جاء في الترمذي. وكان ابن عباس إذا شرب من ماء زمزم قال: (اللهم إني أسألك علما نافعاً، ورزقاً واسعاً، وشفاء من كل داء). ومكث أبو ذر في مكة ثلاثين يوما لا يطعم إلا زمزم حتى سمن وتكسرت عكن بطنه وذهب عنه الجوع. ولا يشترط في حصول بركته أن يشرب في الحرم أو مكة بل أثره فعال وباق بإذن الله إذا نقل وأخرج إلى بلاد بعيدة.
وأخيرا اعلم أخي أنه لا يوجد في نصوص الكتاب والسنة في الأرض ماء ألقى الله فيه البركة غير زمزم وقد روى الطبراني في معجمه الكبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام من الطعم وشفاء من السقم). وهذا يدل على شرفه وعظم بركته واهتمام الشارع به. ولذلك جعل الشارع شربه سنة في المناسك وكان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب على شربه والتبرك به. ويجوز استعمال ماء زمزم في التطهر من الحدث الصغر والحدث الكبر فلا حرج بالتوضؤ والاغتسال به لدخوله في عموم نصوص التطهر بالماء ولأنه لم يرد في الشرع ما يدل على النهي عن ذلك وهو القول المشهور عند الأئمة الأربعة ومن كره ذلك من الفقهاء ليس عنده حجة ظاهرة. وقد كره الجمهور استعمال زمزم في إزالة النجاسة وذهب المالكية إلى جواز ذلا بلا كراهة. والله الموفق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.